بلدي نيوز – ريف دمشق (جواد الزبداني)
يعمل "جبران" و"ماجدة" طيلة اليوم ليستطيعا تأمين قوتهما ووالدتهما التي تعاني من مرض شديد، حيث أصيبت أثناء الحصار على مضايا بفشل كلوي أدى لتوقف إحدى كليتيها عن العمل، مما دفعها لترك العمل في تنظيف منازل الأسر ميسورة الحال في مضايا، مقابل مبلغ زهيد تستطيع به توفير الطعام لطفليها بعد وفاة والدهم إثر قصف النظام لمنزلهم في العام المنصرم.
وعندما اشتد المرض بأمهما أصبحا يعملان طيلة اليوم لتوفير بعض المال لتأمين مصروف المنزل معا حيث يقومان بإيصال المياه للمنازل في مضايا وبقين بسلة صغيرة تتسع لوعاء بلاستيكي سعة 20 ليتر، بشكل يومي رغم العواصف الثلجية، فتراهم لا يهدأان بغية عدم إشعار والدتهما بأنهما يتعبان بذلك العمل كثيرا، خاصة أن أغلب المنازل التي يذهبان بالمياه إليها تتواجد في أطراف البلدة بطريق إما منحدر أو مرتفع باتجاه الجبل والأحياء البعيدة، حيث لا تصلها المياه بسبب ارتفاعها وبعدها.
الطفل "جبران" قال لبلدي نيوز: "نعمل بجد طيلة اليوم بإيصال المياه للمنازل في أحياء الشرفة وبيضون وعين الميسة، حيث أن جميعها بعيدة ولا تصلها المياه ولا توجد طريقة لإيصال المياه إلى هناك إلا حملا، فيقوم الأهالي بطلب إيصال وعاء مياه إلى بيوتهم مقابل مئة ليرة سورية للوعاء، ونقوم بسحبه بسلتنا إلى المنازل بأكثر من 10 رحلات يوميا، لكي نستطيع تأمين بعض المال كمصروف لعائلتنا".
ويضيف جبران: "الحمد لله عملنا جيد خاصة أننا لا نعطل أبدا ولا نعترض على مكان أو حالة طقس، ونكون صادقين مع زبائننا الذين أصبحوا يحبوننا بعد أن كانوا يشفقون علينا وهكذا أقضي أنا وماجدة يومنا، وفي كل يوم جمعة نقوم بشراء الحلويات والذهاب بها للمنزل عند المغيب لنأكلها مع أمنا التي لم تعد تستطيع العمل بعد مرضها".
وعندما سألنا جبران عن المدرسة قال: "الدراسة لمن لديه نقود ولا حاجة لنا بها، ففي مضايا أنا أعمل وأجلب نقود أكثر من جارنا الذي لم يجد عملا، ففي مضايا لا بناء ولا غيره ولا حاجة لنا بالمهندسين وأنا لا أرغب أن أتعلم وأكبر في الحصار دون عمل وأجد حياتي هكذا أفضل، مع أنني كنت مجدا بالدراسة ولكنني لا حاجة لي بها بعد اليوم".
والتقينا بأم جبران المريضة، لتحدثنا عن حياتهم فقالت: "كان زوجي يعمل بنّاءً وكانت حالتنا أفضل من الآن فكان هناك رب أسرة يعمل طيلة النهار ليطعمنا، في النهاية توفي بقذيفة استهدفت منزلنا في مضايا وأصبت أنا، وفي أثناء الجوع كنت أعمل لدى العوائل ميسورة الحال، والعمل شرف بالنسبة لي ولكن نتيجة فقدان الغذاء تضررت كليتي وأصبت بفشل كلوي اضطرني للتوقف عن العمل، ليبدأ بعدها جبران وماجدة بالعمل معا بعد ترك المدرسة، ونحن اليوم نعد من العائلات جيدة المدخول بفضل الله".
وتنهي أم جبران كلامها وهي تغالب البكاء: "أكثر ما يخيفني أن الأطفال بات لديهم الحصار حياة ولا يعلمون أن الحياة أجمل بدون حصار، فهم لم يشاهدوا بلدنا قبل أن نكون محاصرين وأصبح لديهم قناعة أن الحصار أبدي ولذلك يرفضون التعليم".